المدرب الجيد والسيئ: حكاية بين صراخ، صمت، وقارورة ماء طائرة

في عالم الكرة، هناك نوعان من المدربين: الجيد، والسيئ.
طبعًا، هناك نوع ثالث، وهو المدرب الذي تم تعيينه فقط لأنه “كان لاعبًا أسطوريًا”… وها نحن نرسل تحياتنا الحارة إلى فرانك لامبارد في ولايته الثانية مع تشيلسي، حيث أثبت أن الموهبة لا تُورَّث من القدم إلى السبورة.
المدرب الجيد
المدرب الجيد هو مثل بيب غوارديولا:
يملك خطة، وأحيانًا يملك خطة للنسخة الاحتياطية من الخطة. يعرف متى يصمت، ومتى يتحدث، ومتى “يبالغ ويضع ستونز كلاعب وسط فجأة ثم ينجح”.
هو لا يدرب فقط، بل يزرع الفكرة في أدمغة اللاعبين كما لو أنه يمارس نوعًا متقدمًا من التنويم المغناطيسي.
المدرب السيئ
أما المدرب السيئ؟ فاسمح لي أن أقدّم لكم جينارو غاتوزو في بعض فتراته التدريبية، حيث كان يصرخ أكثر مما يخطط، ويهدد اللاعبين بالنظرات بدلاً من التعليمات.
أو نونو سانتو في تجربته القصيرة مع توتنهام، حيث لم يفهم أحد (بما فيهم اللاعبون) ما الذي يحاول تنفيذه بالضبط.
خطط؟ أي خطط؟
أنظر إلى كارلو أنشيلوتي مثلًا:
عندما يلعب بريال مدريد، يشعر اللاعبون بأنهم يعرفون أدوارهم حتى لو توقظهم في منتصف الليل. هو لا يحتاج أن “يخترع” كل أسبوع.
البساطة العبقرية.
على الجانب الآخر، رودي غارسيا في تجربته الأخيرة مع النصر كان مثالًا على المدرب الذي يملك الخطة، لكن يبدو أنه نسي أين وضعها.
التغييرات غير مفهومة، النجوم يلعبون في غير مراكزهم، والجمهور يُصاب بالدوار من كثرة التبديلات.
غرفة الملابس: جنة أو جحيم
زين الدين زيدان كان نجمًا في إدارة غرفة الملابس.
لم يكن أذكى تكتيكيًا من بيب، لكنه كان يعرف كيف يجعل رونالدو وبنزيما وكروس ومودريتش يؤمنون به.
كانت غرفته متزنة، محترمة، بلا صراخ ولا دلع.
أما جوزيه مورينيو؟
فهو مدرب ينجح حين يخاف منه اللاعبون، ثم يفشل حين يبدأون في تجاهله.
فقط اسأل بول بوغبا عن تجربته في مانشستر يونايتد، وستفهم أن غرفة الملابس قد تتحول إلى ساحة معركة إذا اختلط الكبرياء مع النتائج السيئة.
المؤتمرات الصحفية: فن الرد أو فن التضليل
يورغن كلوب مثلًا، يجيد اللعب في المؤتمرات:
إذا فاز، تحدث عن الروح.
إذا خسر، تحدث عن الرياح.
رجل يعرف كيف يُخرج الضغط من على لاعبيه ويضعه على عشب الملعب أو الرطوبة أو جدول المباريات.
أما لويس فان خال؟
فهو عبقري سابق في المؤتمرات الكوميدية.
كان يمكن أن يخسر 3-0 ويتحدث بعدها عن “استحواذ متميز” وكأننا في مباراة شطرنج.
هو مثال للمدرب الذي يصر على أنه فاز… رغم أن لوحة النتائج تعارضه بشدة.
متى تعرف أنك بحاجة لتغيير المدرب؟
-
إذا بدأت تشاهد فريقك وتكتشف أنك تفهم الخطة أكثر من المدرب نفسه (جيسي مارش في ليدز).
-
عندما يقول المدرب بعد الخسارة: “نحن على الطريق الصحيح”، وأنت لا تعرف إن كان يقصد طريق الملعب أو طريق البطالة.
-
عندما يتحول فريقك إلى حقل تجارب، حيث لاعب الجناح يصبح ظهيرًا، والهداف يصبح مدافعًا، والنتيجة… فوضى.
الخلاصة:
المدرب الجيد هو من يجعل فريقه يلعب كما لو أن كل لاعب يعرف مكان الآخر حتى لو أغمض عينيه.
مثلما فعل دييجو سيميوني مع أتلتيكو مدريد في أيام مجده التكتيكي.
أما المدرب السيئ؟
فهو من يجعل الجمهور يشتاق لأيام المدرب السابق، /المدربين الذين تعاقبو على مانشيستر يونايتد من بعد فترة مورينيو/.
باختصار:
إذا شعرت بأن الفريق بحاجة لجلسة علاج جماعي بعد كل مباراة، فقد تكون المشكلة ليست في اللاعبين… بل في الذي يصرخ على الخط ويحمل سبورة لا أحد يقرأ ما عليها.
Share this content:



إرسال التعليق